الكذب بداية المعاصى.....
الرغبة فى الترويح عن الناس و التخفيف من أعباء الحياة ليست مبررا للتساهل فى ايجاد مذموم كالكذب ، فمرتكبه يبدأ تدريجيا فى الميل عن الاستقامة و الانحراف وراء تيار المعاصى .. و قد اباح الناس لانفسهم الكذب فى مناسبات عديدة و استهانوا بهذا الامر متعللين بانه لا يضر و لا ينفع و اطلقوا عليه ( الكذب الابيض ) و هو اما بدافع الحياء من الناس كأن يدعى احد الى الطعام فيقول لا اشتهيه و تكون الحقيقة بخلاف ذلك ، و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك يوم زواجه بالسيدة عائشة حين طلب منها ان تعطى صاحباتها اناء من اللبن كى يشربن منه فقلن : لا نشتهيه ، فقال لهن النبى صلى الله عليه و سلم : لا تجمعن جوعا و كذبا ، فسألنه : أيعد ذلك كذبا ؟ قال : ان الكذب ليكتب كذبا حتى تكتب الكذيبة كذيبة .
و من الدوافع ايضا فى الكذب اضحاك الناس و رفع المعاناة عنهم ، و قد جاء التحذير فى ذلك من رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقال : ( ويل للذى يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ، ويل له ) و كررها دلالة على سوء الفعل و شدة عقوبته بينما الناس متغافلة عن ذلك .
و من ابواب الكذب الخفية التى يتسلل منها الى النفوس الضعيفة الايمان ، الكذب مع الاطفال و الصغار بالوعود التى يتأكد قائلها انه لن ينجزها ، كاستدعاء الطفل الذى يلهو لأخذ شىء من يد الاب او الام و هو ليس فى ايديهم .
و قد ضرب لنا رسول الله مثالا حين سمع أم عبد الله بن عمر تنادي ابنها و هو يلعب و تقول له : تعال حتى اعطيك ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما انك لو لم تفعلى لتكتب عليك كذبة ....و خطورة هذا الامر مع الصغار تكون اشد لانه ينزع الصدق من نفوسهم و يهون الكذب على السنتهم ..
اما عن الحالات الثلاث التى اباح الشرع فيها الشرع الكذب و هى الصلح بين الناس / و مع الزوجة بشرط عدم الخيانة / و فى الحرب ، فتلك الحالات قد قيدنا الشرع بها على الا نتعداها مهما اختلفت الدوافع و النتائج .